الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009


الخنازير» تجبر الحكومة على استخدام الإنترنت بديلا للمدارس

كتب أميرة عبد الهادى ٦/ ١٠/ ٢٠٠٩
[تصوير - فؤاد الجرنوسى مجموعة من التلاميذ فى إحدى المدارس الخاصة ]
تصوير - فؤاد الجرنوسى
مجموعة من التلاميذ فى إحدى المدارس الخاصة

الحكومة تعلن بث المناهج على الإنترنت والأسطوانات والفضائيات حال انتشار الوباء.. وخبير فى النشر الإلكترونى يقول إن خطة كهذه تحتاج ١٠٠ مليار جنيه لتطبيقها.. والمواطنون لا يرون الاقتراح بديلًا للحصة التقليدية لكنهم يرون فيها ميزة كبرى: سقوط الدروس الخصوصية

حددت وزارة التربية والتعليم على لسان وزيرها الدكتور يسرى الجمل مجموعة من الخطوات التى ستتخذها حال تفشى مرض «أنفلونزا الخنازير»، منها توزيع المناهج على «CD» وبثها على موقع الإنترنت الخاص بالوزارة وعلى القنوات التليفزيونية التعليمية الموجودة على القمر الصناعى «نايل سات».

خطة الوزارة تعتمد بصورة أساسية على وجود أجهزة كمبيوتر أو أجهزة استقبال فضائى «ريسيفر».. الواقع يقول إن أطباق الدش تنتشر فوق الكثير من أسطح المنازل، وأجهزة الكمبيوتر يوجد منها ما يتجاوز مليونين فى البيوت المصرية..

لكن نفس الواقع أيضا يقول إن الكثير من البيوت المصرية لا يوجد بها كمبيوتر أو ريسيفر، وتقول «صافيناز محمد- ربة منزل» إن القرار ليس عادلا ولم يعط أولياء الأمور فرصة لكى يقولوا آراءهم، وحتى إذا وفرت الوزارة قاعات لمن لا يستطيع.. فهى تعيد بذلك الطلبة الفقراء إلى قاعات الدراسة وحدهم مع «أنفلونزا الخنازير».

صافيناز ترى أن الكثير من أولياء الأمور محدودو الثقافة خاصة فيما يتعلق بمسألة الكمبيوتر والإنترنت وتقول «بدون مقدمات سيجد الأهل أنفسهم فى مواجهة مع أولادهم بعدما أصبح التعليم أغلبه فى المنزل على الإنترنت».

الإنترنت والتكنولوجيا بصفة عامة أصبحت تمثل عنصرا مهما فى منظومة أى تعليم متطور ولكن يجب أن تكون هناك مقدمات وتدريب جيد وتجارب كثيرة خاصة فى المدارس الحكومية الفقيرة فى القاهرة والمحافظات حسب رأى منى رجب، وكيل أول مدرسة إعدادية بإحدى الإدارات التعليمة بجنوب القاهرة.

البديل الذى يمكن أن نبحث عنه بالنسبة لمن لا يملكون كمبيوتر أو «ريسيفر» من وجهة نظر خالد سلام- مدرس اقتصاد بمدرسة طبرى الحجاز- يمكن أن يكون نوادى تكنولوجيا المعلومات خاصة الحكومية التى كانت له تجربة جيدة معها ويقول: «يمكن أن نستعين بهذه النوادى المكدسة بأجهزة كمبيوتر حديثة تعانى البطالة».

فكرة خالد سلام تبدو منطقية وقابلة للتطبيق ولكنها لن تساهم فى حل المشكلة بشكل كامل فالكثير من المناطق لم تصل إليها نوادى تكنولوجيا المعلومات رغم تأكيدات الدكتور إكرام عبدالجواد، مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على أن الوزارة تنشر هذه الأجهزة وتزودها بخطوط إنترنت ولكنها لا يمكنها، حسب قوله، أن تحل محل الفصول الدراسية»، ولكنه لفت النظر إلى إمكانية استخدام مشروع «الأتوبيس المتنقل» المزود بأجهزة كمبيوتر مع إمكانية إحياء فكرة مشروع «كمبيوتر لكل بيت وطالب» من جديد.

آراء أولياء اختلفت وفقاً لمستواهم الاجتماعى والثقافى وهو ما يعطى مؤشرا صريحا لاستعداد الأسر المصرية لقبول هذه الاقتراحات، إذ تقول منال أحمد، مهندسة، إن التعليم بالطرق الإلكترونية سيكون مفيدا جدا للطلاب لأنه يضمن إدخال طرق وأدوات مختلفة على طرق التعليم العتيقة.

وترد عليها ايمان بيومى، ربة منزل، قائلة «ليس من المعقول تغيير المناهج وطرق تدريسها الآن ونحن فى بداية العام الدراسى دون سابق إنذار».. وتتساءل: من سيتحمل مسؤولية الأخطاء الناتجة عن هذه التجربة؟ وتجيب عن سؤالها بنفسها قائلة «لن يجدوا غير الطلبة وأولياء الأمور ليكونوا كبش فداء لأى خطأ وفى النهاية ليس أمامنا إلا أن نقول لـ»بتوع الـ CD يا CD أمرك».

نفس الموقف تقريبا تراه ليلى جمال، بكالوريس تجارة، وتقول: «رغم أننى لست متزوجة فإننى أعتقد أن هذا القرار سيظلم الكثير من الأسر التى لا تقدر على شراء أجهزة كمبيوتر وعندها سيكون التعليم لمن يقدر، واللى معندوش ما يلزموش».

أما مها أحمد، ربة منزل، فتنظر للأمر من الناحية المادية وتقول: «سمعت أن الطرق الجديدة ستكون تكلفتها أقل وربما ترحمنا من الدروس الخصوصية التى تقضى على كل دخلنا».

الغريب فى الأمر أن رأى طلبة المدارس الخاصة جاء متوافقا بنسبة كبيرة مع رأى طلبة المدارس الحكومية، ويقول أحمد حسن ذكى طالب بمدرسة المرج الإعدادية: «رغم أن لدينا جهاز «ريسيفر» فى البيت فهناك أكثر من نصف الطلبة فى فصلى لا يملكون مثله ولا كمبيوتر».

ويضيف احمد عبدالفتاح، طالب ثانوى بمدرسة أمير الشعراء: «نريد أن نتعلم بشكل جديد ونريد التواصل مع التكنولوجيا الحديثة ونفضل أن تكون المناهج على مواقع إلكترونية ولكن كيف يمكن أن نقوم بذلك والكثير منا لا يملك الكمبيوتر الذى سيكون القلم والكراسة بالنسبة لنا».

الخبراء أكدوا أن التجربة جديدة وصعبة ولكنها تستحق فرصة فى ظل ظروف خارجة عن إرادة الوزارة، وتقول داليا إبراهيم الرئيس التنفيذى لشركة نهضة مصر: «الفكرة جيدة ويمكنها أن تكون بديلا لجزء كبير من العملية التعليمية بشرط أن تتوافر الطرق البديلة للطلبة الذين لا يمكلون هذه الأدوات».

وبالرغم من ارتفاع عدد مستخدمى الإنترنت إلى «١٣» مليون مستخدم فى مصر فإن أغلب هذا الرقم يتركز فى محافظات القاهرة والإسكندرية، هذا ما يراه الدكتور محمد عبدالفتاح العزب، رئيس جمعية التنمية التكنولوجية والبشرية مطالبا بالتركيز على الأقاليم والقرى والنجوع وتطوير شبكة المعلومات غير المستغلة لتصل إلى كل مكان، وربط العزب نجاح خطة وزارة التربية والتعليم بقدرتها على إدارة الفكرة بخطة جاهزة وواقعية ولكنه ترك الحكم النهائى عند تطبيقها لأرض الواقع.

١٠٠ مليار جنيه تحتاجها مصر حسب تقدير دكتور عادل خليفة، رئيس الاتحاد العربى للنشر الإلكترونى، لكى تضمن نجاح تجربة النشر الإلكترونى للمناهج التعليمية، ويقول: «تنفيذ هذا المشروع بنجاح سيضمن القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية وسينقل التعليم المصرى إلى مرحلة التعلم والتفاعل، ودعا خليفة لدور أكبر للقطاع الخاص لإنجاح هذه التجربة».

ليست هناك تعليقات: